شوايات الفحم تلوث الهواء وقد تسبب السرطان
يعتبر الشواء بالفحم من طرق الطهي الشائعة، ويفضل الكثيرون تناول اللحوم المشوية نظرا لسرعة تحضيرها وطعمها اللذيذ، حيث ينتج من شواء اللحوم بواسطة الفحم نكهة مدخنة، بسبب احتراق الفحم مع الدهن الذائب الذي يتقاطر عليه، لكن شوايات الفحم تتسبب في تلويث الهواء.
كما تؤدي كثرة تناول اللحوم المشوية إلى تزايد فرص الإصابة بالعديد من الأمراض السرطانية، حيث كشفت الدراسات الحديثة عن وجود 300 مركب سام في الدخان المتصاعد من الفحم، منها 47 مركبا من مركبات الهيدروكربونات عديدة الحلقات ذات التأثير المسرطن.
عندما يتم حرق فحم الشواء، تنبعث أنواع كثيرة من الملوثات في الهواء الجوي، وتشمل هذه الملوثات جسيمات الفحم والعناصر النادرة، إضافة إلى العديد من العناصر مثل الكبريت والنيتروجين والأيدروكربونات، وبعضها مواد ذات خطورة كبيرة، مثل ثاني أكسد الكبريت، وخاصة عندما يتأكسد إلى حامض الكبريتيك، ويتفاعل جزء منه مع بعض العناصر الموجودة في الجو لتكوين مركبات كبريتية دقيقة الحجم.
كما يعد احتراق الفحم من أهم مسببات ظاهرة الاحتباس الحراري وزيادة غازات الصوبة الخضراء بنسب تفوق ما يحتاجه الغلاف الجوي للحفاظ على درجة حرارة الأرض، وهذه الغازات تؤدي إلى الاحتفاظ بكمية أكبر من الحرارة في الغلاف الجوي، وهو ما يترتب عليه الارتفاع المطرد في درجة حرارة سطح الأرض.
كما أن كثرة التعرض لنواتج هذا الاحتراق مثل غاز ثاني أكسيد الكربون، تؤدي إلى الإصابة بالاختناق، بسبب عدم وصول الأكسجين إلى المخ كما تتسبب في ولادة أطفال مصابين بخلل في وظائف القلب، ويعد هذا الغاز أهم أسباب الإصابة بالعديد من إعاقات الأطفال مقارنة بأنواع التلوث الأخرى المسببة للإعاقة. والأجنة والنساء الحوامل هم أكثر الفئات تأثراً بتلوث الهواء بهذا الغاز.
أما أكاسيد النيتروجين، وثاني أكسيد الكبريت فهي تسبب أضراراً رئوية خطيرة، حتى في المستويات المنخفضة منها، حيث تؤذى المصابين بالحساسية الصدرية والربو، كما يعد "الرصاص" أيضاً من أخطر السموم الناجمة عن احتراق الفحم، ويدخل الرصاص إلى جسم الإنسان عن طريق التنفس، ومن خلاله يصل إلى الدم.
وعادة ما يذهب بعد ذلك إلى المخ ويترسب في العظام والأسنان، وهو يسبب أضراراً عديدة للإنسان، مثل زيادة إفراز حمض البوليك وتراكمه في المفاصل والكلى، وتشوه الأجنة وإجهاض الحوامل .كما يؤثر سلباً على العديد من وظائف المخ مثل التركيز والتناسق العضلي واللغة.
والأطفال هم الأكثر تأثراً بهذه المادة الخطرة؛ حيث تؤدي إلى إصابتهم بالتخلف العقلي، وذلك بسبب فروق الوزن بينهم وبين الكبار، ولكونهم يمتصون ويحتفظون داخل أجسادهم بكميات أكبر من الرصاص.
وقد حذرت العديد من التقارير الدولية والدراسات المتخصصة من أن الإفراط في تناول اللحوم المشوية، قد يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي، حيث أكد تقرير لهيئة الأغذية والأدوية الأمريكية، أن ثمة مخاطر صحية تترتب على تناول الأطعمة المشوية، لأنها تحتوي علي بعض السموم التي قد تثير أنواعاً من الالتهابات التفاعلية في الجسم، مشيراً إلى أن مركبات "أيه جي إيAGEs "Advanced glycation end products" ، وهي مركبات كيماوية ترتفع نسبتها في الأطعمة باختلاف طريقة طهوها وخاصة في اللحوم المشوية.
وهذه المركبات مسئولة عن العديد من الأضرار الجسدية والصحية التي ما يزال الباحثون يتعرفون كل يوم عليها، لكنهم يربطون بينها وبين ارتفاع احتمالات الإصابة بعمليات التهاب واسعة النطاق، ومتفاوتة القوة، في أجزاء شتى من أعضاء الجسم، ومن أمثلتها أمراض السكري، وزيادة مقاومة أنسجة الجسم لمفعول هرمون الأنسولين، وأمراض الأوعية الدموية والكلى، وتدني القدرات الذهنية للذاكرة كما في مرض الزهايمر.
أكدت دراسة أجرتها جامعة (ساوث كارولينا) الأمريكية، أن السيدات اللواتي تناولن لحوما حمراء مشوية ولحوماً مدخنة بمعدلات كبيرة على مدار حياتهن يواجهن بعد فترة انقطاع الطمث خطورة متزايدة بالإصابة بسرطان الثدي بنسبة 47 في المائة.
كما توصلت الدراسة التي نشرت في دورية ابيديميولوجي Epidemiology الطبية، إلى أن السيدات اللواتي أكثرن من أكل اللحوم، وقللن في الوقت نفسه من تناول الفواكه والخضراوات يواجهن احتمالات إصابة عالية تصل إلى 74 في المائة.
الدراسة اعتمدت على نتائج مقابلات أجراها فريق البحث مع نحو 1508 سيدات، ممن يعانين من الإصابة بسرطان الثدي بالإضافة إلى 1556 سيدة أخرى لا يعانين المرض، حيث تم توجيه أسئلة إليهن حول معدلات تناولهن اللحوم الحمراء المشوية أو المدخنة.
يذكر أن المعهد الوطني الأمريكي للسرطان يقدر أن 13 في المائة من السيدات الأمريكيات يصبن بسرطان الثدي خلال حياتهن.
لكن دراسة أمريكية أخرى تؤكد أن اللحوم المشوية أفضل من المقلية لصحة القلب، لأنها تحتوي نسباً أقل من الدهون، وتشير إلى أن طريقة الشواء هي التي تحدد خطر السرطان من عدمه.
وعلى سبيل المثال، فإن قطرات الدهون التي تسيل نتيجة شواء اللحم منه تسقط على ألسنة اللهب ذات الحرارة العالية، فتتكون مركبات سرطانية منها تتصاعد مع الأبخرة لتلتصق باللحم.
وعندما قارن القائمون على الدراسة بين مستوى المركبات السرطانية في طرق عدة للشواء أو بدونه، وجدوا أن مستويات المادة السرطانية تتساوي في الأطعمة المشوية في المقلاة أو في الفرن الكهربائي.
لكن الأطعمة المشوية على نار فحم الأخشاب مباشرة تحتوي مستويات عالية من المادة المسرطنة، وبالتالي فإن هذه الدراسات ترى أن الشواء في مقلاة أو وعاء طهي أو فرن كهربائي آمن، وكذلك جميع أدوات الشواء التي لا يكون فيها اتصال مباشر بين ألسنة اللهب والأطعمة.
النصيحة إذن هي الحد من استخدام شوايات الفحم، بسبب ما يتمخض عنها من تلوث للهواء وما تصدره من انبعاثات غازية ضارة بالصحة، وتقليل تناول اللحوم المشوية على الفحم قدر الإمكان، مع التأكد من عدم الاتصال المباشر بين اللحوم وألسنة اللهب.
ويفضل طهي اللحوم جزئياً قبل شوائها، حتى نضمن اكتمال نضجها وقتل ما قد تحتويه من بكتريا ضارة، مع الابتعاد عن شواء اللحوم جزئياً واستكمال عملية الشواء في وقت لاحق، لأن هذا يزيد من فرص تكون المواد المسرطنة.
موضوع: شوايات الفحم تلوث الهواء وقد تسبب السرطان 
الخميس 18 مارس 2010, 8:29 pm