فى إحدى نوبات انفعاله الشهيرة، وجه الرئيس الراحل أنور السادات تحذيرا شديد اللهجة إلى مقدم المخابرات الحربية عبود الزمر، وقال خلال خطابه بمجلس الشعب نهاية سبتمبر 1981: «الولد الهارب بتاع يوم الجمعة اللى سامعنى دلوقت.. أنا مش هارحمه». لم تمض على هذا التحذير أيام، إلا وقد صدر القرار بتصفية السادات بتخطيط عبود وتنفيذ مجموعة من زملائه الذين شاركوا فى العرض العسكرى احتفالا بنصر أكتوبر.
بعد أسابيع قليلة، وتحديدا فى 20 أكتوبر 1981، وصف حسنى مبارك الرئيس الجديد حينها فى حواره مع جريدة «نيويورك تايمز» عبود بأنه «ولد معقد نفسيا مر بظروف دفعته إلى التطرف، حيث تزوج ولم ينجب فطلق زوجته، ثم تزوج من قريبة له لكنه لم ينجب منها أيضا»، وحاول مبارك فى حواره أن ينفى انتماء الزمر إلى جهاز المخابرات الحربية»، فالتحقيق كان لا يزال مفتوحا والزمر المتهم رقم 2 فى القضية مازال فى قبضة جهاز مباحث أمن الدولة الذى حاول جاهدا بشتى الطرق الحصول على معلومات واعترافات من ضابط الجيش.
تحذير السادات «للولد الهارب»، وحديث مبارك عن «الولد المعقد نفسيا»، يلخصان موقف الرئيسين السابقين من منصور، الاسم الحركى لعبود الزمر، والذى خطط بمعاونة ابن عمه طارق الذى عرف فى أوساط الجهاديين بـ«أبو الفدا» وآخرين لإقامة دولة الخلافة، مستلهمين روح الثورة الإيرانية التى لم يكن قد مر على اندلاعها عامان فى ذلك الحين.
كانت فكرة الخروج على الحاكم الكافر ووجوب خلعه وتنصيب إمام مسلم يحكم بما أنزل الله قد سيطرت على عبود وطارق فى نهاية السبعينيات، واستندا فى ذلك إلى إجماع علماء السلف وبعض الفتاوى المعاصرة التى ألحقت السادات بهذا النوع من الحكام.
ويقول نزار غراب، محامى آل الزمر، إن علاقة عبود بابن عمه طارق كانت من أهم أسباب انضمامه لتنظيم الجهاد، مضيفا: «علاقة طارق بعبود لها أكثر من وجه ففضلا عن زواج عبود بأم الهيثم شقيقة طارق، هو ابن خالته وابن عمه فى نفس الوقت وأعتقد أن طريق عبود لتنظيم الجهاد كان الزواج من أم الهيثم، حيث كان شقيقها طارق وثيق الصلة بمؤسس تنظيم الجهاد محمد عبدالسلام فرج صاحب كتاب الفريضة الغائبة، وكان طارق يدعو شقيق زوجته للصلاة لدى الشيخ إبراهيم عزت رحمه الله وبدأ عبود فى التحول نحو التمسك بالإسلام فكرا وثقافة وعقيدة وشريعة، ثم التقى محمد عبدالسلام، ولأول مرة ينسحب على الحركة الإسلامية فكر المؤسسة العسكرية فى التخطيط والتنظيم والحركة على يد عبود الزمر».
وتابع غراب: «مبررات عملية المنصة كانت عديدة منها اتفاقية كامب ديفيد وآثارها على الأمة الإسلامية، وكذلك سب السادات للعلماء والمشايخ وهو ما اعتبره الإسلاميون استهانة بالدين الإسلامى»، أما الضربة القاصمة التى دفعت فى اتجاه تنفيذ عملية المنصة كانت قرارات سبتمبر واعتقال العلماء والسياسيين، يقول غراب.
ويشدد غراب على أن عبود اعترض فى البداية على تنفيذ الإغتيال، وذلك لرغبته فى تحقيق عمل شامل بالتغيير، لكنه ناقش خالد الإسلامبولى (قاتل السادات) فى تفاصيل التنفيذ وبعد أن اطمأن على كفاءته العسكرية قدم الدعم المتعلق بالتسليح بالذخائر والأسلحة والقنابل.
وعن ملابسات اكتشاف الأجهزة الأمنية لعبود يقول غراب: «كانت مباحث أمن الدولة تتابع نبيل المغربى أحد أعضاء تنظيم الجهاد، والذى أوكل إليه شراء السلاح، وكان يقوم بتخزينه فى شقة عبود بالجيزة نظرا لصعوبة تفتيشها من جانب الأمن لأنها تخص ضابط مخابرات حربية، وفى إحدى المرات ذهب المغربى والأمن فى أثره حتى ذهب إلى منزل عبود، فداهمت قوات الأمن الشقة، واكتشفت أنها لضابط بالمخابرات، وحاولت زوجة عبود جاهدة أن تمنعهم من دخول المنزل لكنها لم تتمكن، علم عبود من جيرانه أن الأمن داهم الشقة فلاذ بالهرب، ووصل تقرير إلى السادات يفيد بأن أحد ضباطه يخطط لاغتياله فقد كشف تفتيش الأمن لشقة الزمر عن أسلحة وذخائر وخطط عسكرية لاغتيال السادات، انقلبت الدنيا رأسا على عقب بحثا عن عبود ومجموعته».
وعن خطط تنظيم الجهاد التى وضعها عبود قبل انكشاف أمره فى سبتمبر 1981، قال الزمر فى حوار مع الكاتب الصحفى محمود فوزى مطلع التسعينيات «كنا قد انتهينا من وضع الإطار العام للخطة ولكن التخطيط التفصيلى للعمل فى مجال القتال لم ينته وضعه فى قطاعات عديدة، حيث إن ذلك يتطلب جمع مزيد من المعلومات لم تكن متوفرة فى ذلك الحين، وبالطبع كان الأمر سيستغرق وقتا ليس بالقليل».
وأضاف الزمر: «كانت هناك خطة تدريب ذات ثلاثة مستويات يتدرج فيها الفرد من مرحلة التدريب النظرى إلى مرحلة التدريب على السلاح وأعمال النسف والتدمير ثم التدريب التكتيكى على العمليات الخاصة كمرحلة ثالثة، تمهيدا لدخوله على خطة العمليات التى يتم فيها تدريبه على دوره المنوط به فى الخطة العامة بشكل غير مباشر، لنصل به إلى مستوى الاتفاق الذى يمكن معه أن ينفذ المهمة الخاصة به عند بدء العد التنازلى باتجاه ساعة الصفر، وبالفعل قام كل من الإخوة نبيل المغربى، وعباس شنن، وعلى الشريف، وصبرى سويلم، وأبو بكر عثمان وآخرين بتنفيذ بدايات هذا الشق التدريبى لمجموعات الجماعة وخلاياها التنظيمية».
وحدد الزمر محاور للخطة التى وضعت فى مارس، أولها اهتمام الجماعة بنشر الدعوة الإسلامية، ثم استراتيجية التحرك الانقلابى المفاجئ، وتتلخص فى إعداد العدد والعدة اللازمين لإحكام السيطرة على الأهداف الحيوية فى البلاد، وشل قدرة ومقاومة الجهات الأمنية المختلفة، يلى ذلك محور تجميع الجهود والطاقات العاملة فى الساحة لصالح الخطة والتحالف والتعاون مع فصائل العمل الإسلامى.
المحور الرابع، كما يروى عبود، هو محور الردع والنصرة، وذلك عن طريق إرساء قواعد ومبادئ نصرة المظلومين قدر استطاعتها، ثم محور التحرك الاضطرارى أو الطارئ، وفيه يتم الإعداد للدخول فى معركة من وضع استعداد معين تكون فيه الجماعة قد وصلت إلى حجم من القوة يمكن أن تجرى تحركا قويا فى الظروف الاضطرارية التى قد يفرضها العدو على الجماعة.
أما المحور السادس فهو الوقاية من ضربات العدو المفاجئة، ويتلخص فى حماية الجماعة من مخاطر الهجمات الأمنية الرامية إلى اعتقال أعضائها، يلى ذلك محور تحريك الجماهير المساندة للثورة من خلال تهيئتهم للتفاعل معها فور إعلان البيان الأول وجذبهم نحو النزول إلى الشوارع لتثبيت أركان الثورة.
ووضع عبود محورا للتحول إلى خطط بديلة فى حال فشل الخطط الأصلية عند التحرك وهو نوع من المناورة العسكرية لاستعادة زمام المبادرة بخطط أخرى تفتح آفاقا جديدة أمام العمل القتالى، المحور التاسع والأخير استراتيجية الاستفادة من التناقضات الدولية والإقليمية.
وأكد الزمر أن الجماعة لم تكن قد وصلت إلى 10٪ من المقرر وفقا للخطة وأن تحركاتها فى أحداث 1981، كانت فى حدود تلك الإمكانات، مضيفا: «الخطة الأصلية لم تختبر ولم توضع فى ميزان الاختبار الحقيقى الذى يمكن أن نقول فيه إننا خضنا مشروعا كاملا للتغيير، لقد كان من المتوقع الانتهاء من ذلك المشروع خلال عام 1984 حيث تكتمل جوانب الخطة.
وعن لقائه الأول محمد عبدالسلام فرج، مؤسس التنظيم، يقول الزمر: «كنت أعيش مشكلة تطبيق الفكر على الواقع. قناعتى الكاملة أصبحت باتجاه الخروج على النظام الحاكم وقتاله وخلعه وتنصيب إمام مسلم يحكم بما أنزل الله، وفى نفس الوقت أجد أن بقائى بالقوات المسلحة يعرضنى إلى احتمال أن أكون فى قتال ضد الشعب المسلم فى مصر. وفى هذه الآونة دبر الأخ طارق الزمر لقاء مع الأخ محمد عبدالسلام تحدثنا فيه عن العمل الجهادى ووجدت أن حديثه يتسم بالموضوعية والبساطة فى عرض فكره والتجرد على المستوى الشخصى.. وكان معه من الأدلة ما جعلنى أستريح تماما للبقاء داخل القوات المسلحة إلى حين يأذن الله بعمل إسلامى كبير.. وانتهى هذا اللقاء بقناعة جماعية تامة لابد من الجهاد وأنه لا مجال ولا أمل للحركة الإسلامية إلا بالجهاد.
وفى لقائه الثانى بمحمد عبدالسلام قابل الزمر كرم زهدى أمير مجموعة الصعيد، وتم الاتفاق خلال هذا اللقاء على تصورات وخطط العمل فى المجالات المختلفة، وبعد ذلك التقى أعضاء مجلس شورى الجماعة الدكتور عمر عبدالرحمن وعرضوا عليه الإمارة العامة.
ويؤكد الزمر أنه عارض قرار اغتيال السادات: «قبل 5 أيام من تنفيذ العملية التقيت طارق الزمر على مقهى التحرير بشبرا وعلمت منه أن خالد الإسلامبولى قد تم اختياره ضمن قوات العرض العسكرى وأنه عرض استعداده لتنفيذ عملية المنصة على «محمد عبدالسلام» وأن قيادات الجماعة بالوجه القبلى قد حضرت وباركت وأعربت عن استعدادها لتحرك مصاحب فى أسيوط وأن عبدالسلام طلب الإمداد بالإمكانات، وهنا أبديت للأخ طارق الزمر عدم قدرة الجماعة على إجراء تحرك شامل لإسقاط النظام القائم لعدم اكتمال الخطة، ثم انتهت المقابلة على أساس تحديد لقاء مع خالد للاطلاع على خطته حيث كنت أشعر بصعوبة التنفيذ، وأبلغنى طارق بموعد مع خالد فى قرية برنشت بمركز العياط، لكنى لم أوافق، فالطريق يستلزم مرورى على عدة نقاط تفتيش وفضلت أن أرسل ما أريده مكتوبا، ولكن خالد كان قد دخل إلى العرض ولم تصله أى نصائح منى.. لقد كان خالد فى غنى عنها، حيث إن الخبرة التى اكتسبها من خلال اشتراكه فى العروض السابقة كانت كافية تماما للتعرف على كل إجراءات الأمن وما بها من سلبيات وثغرات.
وعن قصة هروبه بعد اكتشاف أمره وتفتيش منزله بالجيزة، قال الزمر: «تنقلت فى تلك الآونة بين العديد من منازل الإخوة لحين تدبير شقة مستقلة أستقر فيها، وسمعت خطبة السادات فإذا به يقول «الولد الهارب بتاع يوم الجمعة أنا مش هارحمه، وأكد لى بعض إخوانى أن هذا الكلام موجه لى فقلت فى نفسى: إننى لا أنتظر منك رحمة يا سادات إنما الرحمة من عند الله».
ويضيف: «كان فى كلام السادات استفزاز واضح يؤكد نواياه فى البطش بنا جميعا، وعلى الجانب الآخر حاولت أجهزة أمن الدولة بالقول اللين أن تصل إلى معلومات تفيد بأننى لو سلمت نفسى للمجموعة 75 فسوف يتم احتواء المشكلة، ولكننى كنت أعلم أن الموقف قد خرج عن حدوده، وبالتالى أدركت أن المسألة لا تعدو كونها مناورة للقبض على فلم أعر ذلك الموقف اهتماما وكان التصميم على المواصلة والاستمرار».
نجح تنظيم الجهاد بعد ذلك فى تنفيذ خطة حادث المنصة واغتال السادات، وحاول التنظيم بعدها استكمال ما بدأ، وخطط لضرب جنازة السادات بالقنابل، لكن إلغاء خط سير الجنازة وإغلاق الطرق المؤدية إليها والاقتصار على تشييع النعش فى منطقة النصب التذكارى ووصول المشيعين بالطائرات من المطار إلى منطقة الدفن رأسا حال دون تحقيقها، «لقد كانت الجنازة وجبة أشهى من المنصة طبعا!! لقد كان بها الإرهابيان بيجين وشارون»، يقول عبود.
فى 13 أكتوبر 1981 كان عبود يجتمع مع طارق الزمر وعبدالله سالم وناصر درة ومحمد البرعى، دخل الليل عليهم وغلبهم النعاس بمن فيهم المجموعة المكلفة بالحراسة، استيقظ عبود واثنان من الضباط فوق رأسه، سحب مسدسه وأطلق النار عليهما، فأصاب أحدهما، وتراجع الآخر إلى خارج الشقة، أمر عبود رفاقه بإغلاق المنافذ، وسمع تهديدا من قائد القوة المكلفة بالقبض عليهم، رد عبود بطلقات من البندقية الآلية، واستمر تبادل النار بين الجانبين ثلاث ساعات متواصلة أصيب أثناءها طارق الزمر ونزف بشدة حتى أن زملاءه ظنوا أنه اشرف على الموت، وفى نفس الوقت نفدت الذخيرة، كثف رجال الأمن طلقات النار على الشقة، أدرك عبود أن الأمر حسم فطلب تسليم طارق أولا، اقتادت القوة المجموعة كلها إلى مقر وزارة الداخلية بلاظوغلى، وصل الوزير للتأكد من العملية، ثم أمر بترحيلهم إلى سجن القلعة.
وفى صباح السبت الموافق 6 مارس 1982 صدر الحكم فى القضية رقم 7 لسنة 1981 أمن دولة عسكرية عليا، بإعدام الملازم أول خالد أحمد شوقى الإسلامبولى، وعبدالحميد عبدالسلام عبدالعال على، وعطا طايل حميدة رحيل، ورقيب متطوع حسين عباس محمد، ومحمد عبدالسلام فرج عطية، وبالأشغال الشاقة على المقدم عبود عبداللطيف حسن الزمر، وطارق عبدالموجود الزمر، وبسجن كل من كرم زهدى وفؤاد الدواليبى، وعاصم عبدالماجد وأسامة إبراهيم حافظ، فيما قضت المحكمة ببراءة الدكتور عمر أحمد على عبدالرحمن.
تم تنفيذ حكم الإعدام فى حق الإسلامبولى وباقى المتهمين الصادر ضدهم حكم الإعدام فى 15 أبريل 1982، وتمنى عبود اللحاق بهم، وقال فى الحوار السابق الإشارة إليه: «شعرت أنهم انتزعوا قطعة منى، تمنيت أن الحق بهم شهيدا».
وصدرت أحكام جديدة على عبود وطارق وباقى تنظيم الجهاد فى القضية رقم 2359 لسنة 1982 جنايات عابدين، المعروفة بقضية الجهاد الكبرى، والتى ضمت أيمن الظواهرى وعصام القمرى وسيد إمام وكرم زهدى وناجح إبراهيم و302 متهم، حكم فيها على عبود بالمؤبد، وعلى طارق بـ15 سنة سجنا.
طاف عبود وطارق بعدها بعدد كبير من سجون مصر طوافا مرتبطا بمواقفهما السياسية، على حد تعبير محاميهما، فمن السجن الحربى إلى سجن طرة لسجن أبوزعبل لاستبعادهما من مفاوضات مبادرة وقف العنف ثم إلى سجن وادى النطرون ثم سجن دمنهور الذى شهد أعمال عنف الأسبوع قبل الماضى نتج عنها إصابة عبود بطلق نارى فى ذراعه.
وكان آل الزمر قد رحبا فى وقت مبكر بالثورة وطالبا المصريين بالنزول للشارع لخلع النظام القمعى الذى ابقى عليهما داخل السجون بالرغم من انتهاء مدة عقوبتهما.
واعتبر نزار غراب المحامى عبود وطارق رمزين أساسيين لتنظيم الجهاد، وقال: «بعد عام 1984 واستئناف التنظيم لنشاطه كان عبود وطارق الزمر الممد الأساسى والرئيسى لأبحاث الفكر والحركة مثل منهج جماعة الجهاد وفلسفة المواجهة ومعركة الإسلام والعلمانية وغيرها كثير».
وخلال قضاء المتهمين فى قضية الجهاد فترة سجنهم، برز بينهم خلافات دارت تلك الخلافات حول قضيتين الأولى قضية اغتيال السادات، وكان هناك إجماع على ضرورة حصولها. أما الخلاف الثانى فنشأ عن أن جماعة الجهاد ــ أى المجموعة التى تتبنّى أفكار الجهاد ــ كانت ترى أن الاعتداء على مديرية الأمن فى أسيوط واحتلالها عمل عشوائى غير مخطط له، وأسال دماء ما كان ينبغى أن تُسال، كما اختلفوا أيضا على إمارة الشيخ عمر عبدالرحمن، ففريق كان يرى أن الشيخ عبود الزمر باعتباره رجلا عسكريا ومُقدما فى جهاز المخابرات ولديه صفات القائد ــ وهى الحواس ومن ضمنها البصر خصوصا ــ هو الأصلح ليكون أميرا. فيما اختارت مجموعة الصعيد الشيخ عمر أثناء هذا الخلاف جلس فريق كأنه على الحياد. وبصفته عسكريا قال الرائد عصام القمرى «لا تجوز ولاية الضرير وعبود الزمر هو الأمير»، وهنا حصل الانفصال. مجموعة الهرم وبحرى اختارت عبود الزمر، والمجموعة الأخرى اختارت عمر عبدالرحمن.
حصل الانقسام وبقى كل منهم يعمل ضمن جماعة مستقلة جماعة الجهاد بقيادة عبود الزمر والجماعة الإسلامية بقيادة عمر عبدالرحمن.
وبعد اندماج الجهاد بتنظيم القاعدة ارتبط عبود وطارق بالجماعة الإسلامية وصارا عضوين بمجلس شورها.
وكان لعبود دور مهم فى المفاوضات التى حاولت الدولة أن تجريها مع الجهاديين، عقب اندلاع أعمال العنف نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات، والتقى عبود الشيخ الشعراوى والذى تدخل بالفعل لإنهاء أزمة التقاتل بين أبناء الدولة، والتقى عبود قيادات الداخلية بمبنى مصلحة السجون فى هذا الإطار وكان هناك تصور يوقف أحداث العنف ويطلق سراح المعتقل الذى يقرر القضاء إطلاقه ألا أن المفاوضات فشلت، فالنظام البائد كان يفضل الإبقاء على حالة العنف ليستخدمها كفزاعة فى تخويف العالم من إجراء أى إصلاح ديمقراطى.
وبالرغم من ذلك وقع «عبود وطارق» على بيان وقف العنف الذى أطلقته الجماعة الإسلامية عام 1997، لكنهما رفضا التوقيع على مراجعات الجماعة الإسلامية التى صدرت فى عدة كتب خرج على أثرها معظم أعضاء الجماعة من السجون.
وقدم عبود برنامجا سياسيا للانتخابات الرئاسية 2005، وقدم طارق كتاب مراجعات لا تراجعات، ولم يشاركا فى مراجعات سيد إمام، حتى إصدرا العام قبل الماضى وثيقة البديل الثالث، طرحا فيها تصورهما الكامل لممارسة التيار الإسلامى العمل السياسى. نجحت ثورة 25 يناير وأطاحت بنظام مبارك وكان من أبرز نتائجها الإفراج عن عدد كبير من المعتقلين السياسيين أبرزهم خيرت الشاطر وحسن مالك القياديان بجماعة الإخوان المسلمين، وآل الزمر الذى قرر المجلس العسكرى الإفراج عنهما ضمن 60 مسجونا سياسيا.