حوار مع المجاهد الشيخ عمر عبد الرحمن فك الله اسره منذ 18 عام وكانه يصف حالنا اليوم، فما سمعه احد او تصنع عدم السمع فكانت النتائج التى وصلنا اليها
فهل نكرر الخطا ولا نسمع او نتصنع عدم السماع !اللهم فك اسر شيخنا الحبيب.
صدى الجهاد: هذا الحوار أجرته مجلّة المجتمع مع الشيخ الأسير عمر عبد الرحمن فرّج الله عنه، في عددها [913] الثلاثاء 13 رمضان 1409هـ، أي قبل ثمان عشرة سنة، ونظراً لما فيه من جوانب مضيئة أحببنا أن نعيد نشره هنا، مع العلم أنّه فيما يظهر أن المجلة قد حذفت بعض كلام الشيخ وسترى كثرة النقاط [...] خلال كلام الشيخ ما يدلّ على وجود حذف، وقد نقلنا المقال بحروفه للفائدة:
الحوار:
الدكتور عمر عبد الرحمن يملك وجهة نظر محددة في قضايا الدعوة الإسلامية المعاصرة.. حوكم أكثر من مرة.. ودخل السجن بناء على قناعاته أكثر من مرة... وهو لا يفتأ يبذل ويكافح.. حوارنا هذه المرة كان معه حول قضايا الجهاد... الأمر بالمعروف... وإمكانيات التغيير... والحوار بعد هذا صورة لإبراز آراء الرجل وفكره وبلورة مواقفه...
المجتمع: ترى ما هي أولويات العمل الإسلامي في نظر الشيخ عمر؟
د. عمر: أنا لست أرى الآن إلا وجوب الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... ثم البيان الواضح للناس، أن ما هم فيه في بعض المواقع يقع تحت إطار حاكم يغتصب حق الله تعالى، حيث تحكم شريعة غير شريعة الله سبحانه... وحيث يعتدى على الشعب بأشكال و ألوان مختلفة... و هكذا فالأمر لا يبتعد عن الدعوة إلى الله، وإفهام الشعب حقه نحو دينه وواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.... وأن نبين للناس أن هذا معروف فاتبعوه وهذا منكر فاجتنبوه... وهو لا يحتمل أكثر من هذا.
المجتمع: هل يندرج تحت هذا المفهوم قيام بعضهم بعمليات عنف؟
د.عمر: العنف الذي تقول عنه أو تصفه لا أستطيع أن أتفق معك على تسميته كذلك... أنا أقول إن العنف هو ما فعلته بعض الأنظمة والحكومات والذي يتمثل بأشكال وصور مختلفة، بعضها اقتحام البيوت وإيذاء الآمنين...
ولكن الرد على هذا أسميه أنا دفاعاً عن النفس… وهو حق مشروع في الإسلام، فإذا ما دافع المسلم بمقتضى دينه عن بيته وأهله وعرضه، سمّوه عند ذلك إرهابياً !! كلاّ ليس الأمر كذلك، بعض تلك العمليات التي تذكرها يقع تحت دائرة النهي عن منكر حادث... ذلك أنه عندما تستشري المنكرات ويظهر الفساد، وتكون الدعوة مستمرة... فإنها ستصطدم بأنصار الفساد ومؤيديه الذين يتمثلون في مرحلة من المراحل بالسلطان وجنده...
فإذا ما تبجح أهل المنكر استناداً لهذه القوة، كان لزاماً على أهل الحق أن يظهروا شيئاً من الشدة في النهي عن المنكر لكي يرتدع المجرم الآثم، ولكي يبتعد عن هذا المنكر، ولو لم تحم الحكومة هذا المنكر لما استطاع البقاء والاستمرار... ولأثرت فيهم الدعوة إلى الله... ولهذا تبوء الحكومة بإثم هذا المنكر.
المجتمع: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما هو معلوم له مراحل ثلاثة، الإنكار بالقلب، واللسان، واليد... ترى ما هي أولويات هذه المراحل الثلاثة في نظركم؟
د. عمر: نحن نبدأ بالدعوة إلى الله وإفهام الناس أمر الدين، وبيان حكمه في أمر ونهي، وبيان الواجب والمحرم... فإذا رجع الناس كان ذلك حسناً، وإلا كان النهي عن المنكر بمراحله: التبيين أولاً بلطف وهدوء، ثم التبيين مع التذكير والتنبيه، ثم يأتي بعد ذلك استخدام الشدة في البيان مع الزجر والموعظة... وأخيراً استخدام اليد.
المجتمع: وهل يحق لكل فرد أن يطبق المراحل الثلاثة متى شاء... وأي وقت أراد؟
د.عمر: هذا أمر يكون في إطار الجماعة، وليس في إطار فردي.
المجتمع: أي جماعة تقصدون؟ أهي جماعة المسلمين أم ماذا؟
د.عمر: هي الجماعة الإسلامية التي تتولى الإسلام وتربي الشباب عليه، ولها تواجد مؤكد واضح.
المجتمع: هذه مواصفات عامة تنطبق على كثيرين؟
د.عمر: كل من كان على عقيدة صحيحة في الإسلام، وعلى فهم جيد لمبادئه مجتمعةً لا يؤخر منها شيئاً ولا يلغي، ثم يدعوا إلى الإسلام بشموله... كل من كان على ذلك فهو قائم بدين الله، ويحق لكل جماعة كذلك أن تطبق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمراحله الثلاثة.
المجتمع: بعضهم يرى أن أشكال وصور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تتوزع على طوائف ثلاثة: باليد، وهي تخص الدولة والسلطان، وباللسان وهي تخص العلماء والفقهاء... وبالقلب وهي تخص العامة! فما رأيكم بذلك؟
د.عمر: هذا الكلام يخرجه موسيقار... وهذا توزيع لا أصل له، من جاء بهذا التوزيع؟.. وما الدليل عليه ؟.... الرسول خاطب الكل.. والكل مخاطب بالحديث... ولم يخص أحداً بشيء من التغيير دون سواه... والأمر كله موجه للأمة بكاملها.
المجتمع: قصة الصراع بين الجماعات الإسلامية والأنظمة قصة مريرة ومؤلمة... ترى هل لهذا الصراع من نهاية؟ وإلى متى؟
د.عمر: إلى متى؟!... ما دام هناك حق وباطل.. وعلى امتداد الزمان وجد الصراع بين الحق والباطل... وسؤال كهذا يريد أن يوقف هذا الصراع...إن الصراع جاء منذ جاء آدم الأرض ومنذ اختلف ولداه... جاء الصراع وسيستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها... ومحاولة إيقافه مخالفة لسنة الله... والصراع هذا باق مهما اختلف الأسلوب وتنوعت الأشكال.
المجتمع: الديمقراطيّة مثلاً تتيح لهذا المجال، وذلك من خلال الحوار والمناظرة؟
د. عمر: لا تدخلني في موضوع آخر... فالصراع قائم والحركات التي تضرب لا يكون ذلك إجهاضاً لها... فالصراع وما يجره من ذيول سلبية ظاهرة على تلك الحركات، لا يعتبر كذلك... إن ذلك مرحلة تمحيص... ومرحلة بناء لقواعد التضحية والإخلاص...
وبمفهومي فإن أي عمل إسلامي لا يمكن أن يجهض مطلقاً استمر العمل أو توقف... لأن لكل مرحلة فوائدها وآثارها التي يحسها الجميع... من يقول مثلاً إن سيد قطب قد أدى إعدامه إلى إجهاض الحركة... لو بقي سيد على حياته لما عرفه الناس إلا قليلاً... ولكنه لما أوذي في الله فدخل تاريخ الأمة المسلمة من أعرض الأبواب... وانتشرت أفكاره وكتبه.... إن استشهاد الحسين أعظم ألف مرة من بقائه على قيد الحياة...
المجتمع: وهل الشهادة غاية أم وسيلة؟
د. عمر: لا أعرف هذا الفصل... فما دام الإسلام قد طالبنا بها فهي أمر يجب أن نحرص عليه سميناه غاية أم وسيلة... لا شك أن إعلاء كلمة الله هو الغاية... والجهاد وسيلة لذلك.
المجتمع: فإذا ما تم إعلاء كلمة الله بوسيلة أو بأخرى؟
د.عمر: لا... لا... لن يتم ذلك إلا بالجهاد... كما حدده القرآن ولذلك لست أعتبر ضرب أي حركة إسلامية إجهاضاً لها بل نصراً وخيراً.
ثم إن أهل الباطل يفقدون العشرات والمئات في الدفاع عن باطلهم أفلا يكون جديراً بأهل الحقّ أن يستمروا في الدفاع عن الحقّ... وإن سقطت منهم الضحايا... لماذا لا نعتبر الضحايا جسراً لانتصار الحق... إننا مقصرون، وكان يجب أن يتضاعف جهدنا وعددنا... وليكن منا الضحايا والقتلى..أعرف شيوعياً سجن لشيوعيته [13] مرة وهو يستقبل السجن بصدر رحب، رغم أنه يدافع عن عقيدة باطلة، فلماذا لا يدافع أهل الحق عن حقهم وإن سجنوا وقتلوا...
إن الدعوة إلى الحق تقتضي تكاليف ومتاعب، وهذا طريق الرسول عليه الصلاة والسلام والرسل من قبله الذين قتلوا في سبيل دعواتهم {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُون}.
المجتمع: بعضهم يرى في قوله تعالى رواية عن لسان آدم {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ} يرى فيه مذهباً أساساً في الدعوة والعمل الإسلامي؟!
د. عمر: نحن لسنا مكلفون بما فعله ابن آدم، لأن لدينا شرعاً جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وثانياً: أننا في شرعنا نعلم تماماً أن من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون عرضه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، وقد شرع الإسلام الدفاع عن النفس والمال والعرض واعتبر المدافع شهيداً إن قتل. {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} فإذا دافع الإنسان عن دينه فهذا من الدين... وإن عفا... فهو من الإحسان... ولكن هذا لا يصلح قانوناً مطلقاً.
المجتمع: المشاركات السياسية أو التغيير باستخدام الوسائط السياسية المتوافرة كيف تنظرون إليها؟
د.عمر: إذا كنت تقصد الاشتراك في المجالس النيابية... فإنني أعتقد أن هذا الأسلوب يترك مفاسد كثيرة، كما أنه يوقع الجماهير العريضة في الحيرة والتضليل... إذ يقول الناس... لو كان هؤلاء الذين اشتركوا في مجالس الشعب ما اشتركوا في هذه المجالس... أن اشتراكهم في مجالسهم دلالة على شرعية الحكومة... وعلى أنها تؤدي أعمالها، وهذا يدفع الجماهير إلى الالتباس والشك...ولأنهم بعد ذلك يشتركون في مجالس تصدر قوانين وضعية... وهذا الخلط يسبب إحراجاً كبيراً للناس...
أما الادعاء أنهم يستطيعون أن يبلغوا الإسلام عبر هذا المنبر، فإننا نقول إن هذا ادعاء يضمحل أمام المنكرات التي تمر أمامهم وهم لا يستطيعون التحرك كما يجب... هذا مسؤول كبير في مجلس من تلك المجالس يعلن أن تعامل الدولة مع سواها بالربا من المصالح المرسلة ثم يغلق الجلسة، ولا يسمع رأي أحد في ذلك، ويسجل هذا ويظهر في الصحف وكأن ذلك المسؤول أكثر فهماً من جميع أهل الدين وأنصارهم... وفي هذا إخفاق لا مثيل له...
ثم إن القَسَم الذي يقسمه هؤلاء على احترام الاشتراكية..!! بم تفسره... ثم دعني أقول لك إنه لا يمكن أن تظهر الشريعة من مكان أعدّ للقوانين الوضعيّة... حينما أسس مسجد الضرار، رفض القرآن أن يقوم المصطفى فيه، بل أصرّ على إحراقه لأنه أسس على شفا جرف هار...
وأمر أخير... أن وجود الإسلاميين في تلك المجالس، وعشرات القوانين الوضعية تخرج بوجودهم هو سبة عار في جبين المعارضة الإسلامية، إذ لولاها لما تبجّح النظام بأنه ديمقراطي، لقد أعطى الإسلاميون في بعض البلدان الشرعية لتلك الأنظمة وهذا بلاء كبير
حوار مع المجاهد الشيخ عمر عبد الرحمن فك الله اسره الكاتب : عمرعبدالرحمن