يبدو أن هناك بوادر انفراجة في الأزمة السياسية المحتدمة في مصر منذ 25 يناير ، حيث خرج الدكتور وحيد عبد المجيد مستشار مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية وعضو لجنة الحكماء على الملأ بتصريحات أكد خلالها أنه تم بلورة حل من شأنه أن ينهي الاحتجاجات ويتوج ثورة 25 يناير بالانتصار .
ولم يقف الأمر عند ما سبق ، فقد كشف عبد المجيد أيضا أن هذا الحل يرضي كافة الأطراف ويزيل الشكوك فيما بينهم ، حيث يضمن خروج الرئيس بشكل مشرف من جهة ويمنع أي قوى سياسية من سرقة ثورة شباب 25 يناير من جهة أخرى .
وتابع في تصريحات لقناة "العربية" مساء الجمعة الموافق 4 فبراير أن الحل يقوم أساسا على المادة "139 " من الدستور حيث يقوم الرئيس مبارك بنقل صلاحياته لنائبه عمر سليمان ويبقى حتى نهاية مدته أو بمعنى آخر ، فإن الرئيس مبارك سيبقى في منصبه حتى نهاية مدته ، إلا أن القرار سيكون لنائبه عمر سليمان .
وفجر عبد المجيد مفاجأة في هذا الصدد مفادها أن الحل يقوم أيضا على تعهد جماعة الإخوان المسلمين بعدم تقديم أي مرشح لانتخابات الرئاسة المقبلة ، مشيرا إلى أن الجماعة أبدت تجاوبا مع هذا الاقتراح وأصدرت بيانا أكدت خلاله أنها تعمل في خدمة الشعب ولا تسعى لمناصب سياسية.
وفيما تلقت لجنة الحكماء إشارات إيجابية من قبل نائب الرئيس عمر سليمان فيما يتعلق بمقترحاتها ، كشف عبد المجيد عن مفاجأة أخرى مفادها أن الدكتور محمد البرادعي لم يبد تجاوبا في هذا الصدد ، إلا أنه رجح قبوله بالأمر في نهاية المطاف خاصة وأن مقربين منه أبدوا ترحيبهم به .
وأشار عبد المجيد أيضا إلى أن لجنة الحكماء طالبت شباب 25 يناير بالإسراع باختيار قيادة لهم لحصد ثمار ثورتهم وعدم الاستجابة لما تردده بعض القوى السياسية حول أن مثل تلك الخطوة قد تعرض قياداتهم للاعتقال .
ورغم أن المبادرة السابقة لم تخرج بعد لحيز التنفيذ ، إلا أن أوساطا مقربة من المعتصمين في ميدان التحرير منذ 25 يناير رجحت أن هناك تأييدا واسعا لمقترحات لجنة الحكماء خاصة وأنها تحاورت مع النظام الحاكم والقوى السياسة المختلفة بناء على تفويض من أغلبيتهم .
وبصفة عامة ، فإن التوصل لإجماع على المبادرة السابقة بات أمرا لا مفر منه في الوقت الراهن وإلا فإن الأسوأ لم يقع بعد خاصة بعد إعلان المحتجين عن "أسبوع الصمود" بعد " جمعة الرحيل " التي انطلقت في 4 فبراير وخرجت خلالها مظاهرات حاشدة جديدة في ميدان التحرير وسط القاهرة وعدة مدن مصرية أخرى .
ولعل ما يضاعف من أهمية الإسراع في صياغة حل نهائي في هذا الصدد هو تصاعد المخاوف من تكرار مذبحة "الأربعاء" الدامي التي وقعت في 2 فبراير واستشهد خلالها حوالي 11 من المعتصمين في ميدان التحرير إثر اعتداءات يعتقد على نطاق واسع أنها من تنفيذ "بلطجية " الحزب الحاكم .
وجهات نظر
ويبدو أن الجدل المتصاعد في الشارع المصري بين معارضي ومؤيدي نظام الرئيس مبارك هو أمر آخر يتطلب الإسراع في التوافق على حل نهائي حتى لا ينقسم المصريون إلى معسكرين وبالتالي تنزلق البلاد إلى ما لا يحمد عقباه .
فهناك وجهة نظر ترى أن صوت العقل يجب أن يسود خاصة بعد تعهد مبارك بعدم البقاء في السلطة عقب نهاية فترته الحالية في سبتمبر/أيلول المقبل وتعهده أيضا بتعديل الدستور ومكافحة الفساد واحترام أحكام القضاء بشأن دعاوى التزوير في الانتخابات البرلمانية السابقة بالإضافة إلى تعيينه نائبا له وهو مطلب تجاهله منذ توليه السلطة قبل 30 عاما ، الأمر الذي يعني أنه قبل معظم مطالب المحتجين وفي مقدمتها الرحيل عن السلطة ولو بشكل غير فوري .
أيضا فإن تأكيد مبارك أكثر من مرة أنه يريد أن يموت في مصر قوبل ببعض التعاطف الشعبي ، بل وذهب البعض في هذا الصدد إلى أن كل تلك التنازلات من جانب رئيس لم يعتد على ذلك طوال 30 عاما أمر يجب تقديره حتى لو جاء تحت الضغط الشعبي.
ورغم غياب الثقة بين المحتجين ونظام مبارك ، إلا أن وجهة النظر السابقة ترى أن الشعب قد تغير وعرف أخيرا طريقه للتظاهر والضغط من أجل التغيير وبالتالي يمكنه التحرك مجددا إذا لم ينفذ الرئيس تعهداته.
وفي المقابل، ترى وجهة نظر أخرى أن استجابة مبارك لمطالبهم جاءت متأخرة جدا وأن تصريحاته منذ تفجر ثورة شباب 25 يناير تؤكد أنه لا يدرك حجم الرفض الشعبي ولا يأبه إلا بالتشبث بالسلطة بدعوى تجنيب البلاد ويلات عدم الاستقرار.
بل وذهبت وجهة النظر تلك إلى أن تنازلاته غير المعتادة جاءت تحت وطأة الضغوط وأنه استنكف عن مجرد تقديم الاعتذار لأسر من قضوا من المحتجين برصاص الشرطة .
وأيا كانت صحة وجهات النظر السابقة وإلى حين يتم حسم الجدل في هذا الصدد خلال الساعات أو الأيام المقبلة ، فإن الأمر الذي لاجدال فيه أن ما حدث في ميدان التحرير يوم الأربعاء الموافق 2 يناير بات يشكل وصمة عار في التاريخ المصري العريق ولذا لابد من تخلي الجميع عن حساباتهم الشخصية سريعا لتفويت الفرصة على المتربصين وخاصة إسرائيل من جهة واستعادة مصر دورها الريادي في العالمين العربي والإسلامي من جهة